إن بعض أتباع داروين الذين يعتبرون الانتخاب الطبيعي (عملية فيزيائية غير عقلانية)، وهي قوة إبداعية فريدة تحل جميع المشاكل التطورية الصعبة دون أي أساس تجريبي حقيقي، كانوا قد اكتشفوا فيما بعد، تعقيد التصميم في بُنية ووظيفة الخلايا البكتيرية، فبدأوا باستخدام عبارات مثل البكتيريا "الذكية"، "الذكاء الميكروبي"، "صُنع القرار" و" البكتيريا لحل المشاكل". وبالتالي تحولت البكتيريا إلى إلهَهم الجديد[104].
إن الخالق سبحانه وتعالى وضح في كتابه وعلى لسان رسوله أن هذه الأفعال المنسوبة إلى الذكاء البكتيري هي بفعل وحكمة وإرادة رب العالمين ووفق مشيئته.
قال الله تعالى:
" اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ "[105]. (الزمر: 62).
" الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ"[106]. (المُلك: 3).
وقال أيضًا:
" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ "[107]. (القمر:49).
نجد أن التصميم، الضبط الدقيق، اللغة المشفرة، الذكاء، النية، الأنظمة المعقدة والقوانين المترابطة وما إلى ذلك، هي مصطلحات أرجع الملحدون مصدرها للعشوائية والمصادفة، على الرغم من أنهم لم يعترفوا بذلك أبدًا. يشير العلماء إلى الخالق بأسماء أخرى (الطبيعة الأم، قوانين الكون، الانتخاب الطبيعي "نظرية داروين"، إلخ...)، في محاولات بائسة للهروب من منطق الدين والاعتقاد بوجود خالق.
قال الله تعالى:
"إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ"[108]. (النجم:23).
إن استخدام أي اسم غير "الله" يسلب بعض صفاته المطلقة ويُثير المزيد من الأسئلة. على سبيل المثال:
إنه لتجنب ذكر الله، يُعزى خلق قوانين عالمية وأنظمة معقدة مترابطة إلى الطبيعة العشوائية، ويُرجع بصر الإنسان وذكائه لأصل أعمى وأحمق.
يرفض الإسلام هذه الفكرة تمامًا، وأوضح القرآن أن الله مَيَّز آدم عن سائر المخلوقات بخلقه مستقلاً تكريمًا للإنسان، ولتحقيق حكمة رب العالمين في جعله خليفة في الأرض.
أتباع داروين يعتبرون المؤمن بوجود خالق للكون إنسانًا متخلفًا لأنه قد آمن بشيء لم يره، مع أن المؤمن يؤمن بما يرفع من شأنه ويُعلي مقامه، وهم يؤمنون بما يُحقِّرهم ويُدني من شأنهم. وعلى أية حال لماذا لم تتطور بقية القرود الآن لتصبح من بقية البشر؟
النظرية هي مجموعة من الفرضيات، وتأتي هذه الفرضيات عن طريق مشاهدة أو التأمل في ظاهرة معينة، وتتطلب هذه الفرضيات لإثباتها القيام بتجارب ناجحة، أو المشاهدة المباشرة التي تبرهن على صحة الفرضية، فإذا كانت إحدى الفرضيات التي تنتمي إلى النظرية لا يمكن إثباتها لا عن طريق التجربة ولا عن طريق المشاهدة المباشرة، فيعاد النظر في النظرية بالكامل.
فلو أخذنا مثال على التطور حدث منذ أكثر من 60000 عام فالنظرية لن تكون لها معنى، فإذا لم نشاهده أو نلاحظه فلا مجال لقبول هذه الحجة. ولو لوحظ في عهد قريب أن مناقير الطيور قد تغير شكلها في بعض الأنواع، لكنها بقيت طيورًا، وبناءً على هذه النظرية يجب أن تتطور الطيور إلى نوع آخر. ."Chapter 7: Oller and Omdahl." Moreland, J. P. The Creation Hypothesis: Scientific
الحقيقة أن فكرة أن الإنسان أصله قرد أو تطور عن قرد، لم تكن من أفكار دارون أبدًا، لكنه يقول: بأن الإنسان والقرد يعودان إلى أصل واحد مشترك ومجهول سمَّاه (الحلقة المفقودة)، التي حدث لها تطور خاص، وتحولت إلى إنسان، )ومع المسلمون يرفضون كلام داروين تمامًا(، )، إلا أنه لم يقل كما يظن البعض: إن القرد هو جَدُّ الإنسان. وداروين نفسه واضع هذه النظرية، ثبت أنه كان لديه شكوك عديدة، وقد كتب رسائل عديدة إلى زملائه يُعبر عن شكوكه وعن أسفه [109]. السيرة الذاتية لداروين - طبعة لندن: كولنز 1958 - ص 92، 93.
وقد ثبت أن دارون آمن بوجود إله[110]، لكن فكرة أن يكون الإنسان من أصل حيوان جاءت من أتباع دارون في المستقبل عندما أضافوها لنظريته، وهم أصلاً من الملحدين، وبالطبع فإن المسلمين يعلمون علم اليقين أن الله كرَّم آدم، وجعله خليفة في الأرض ولا يليق بمقام هذا الخليفة أن يكون من أصل حيوان أو ما شابه.